اين نحن من الثورتين

ان الذي يهجس في خواطر السودانيين جميعاً في هذه الآونة رجالاً ونساء,
حضراً وبادية,, جنوباً وشمالاً لم يعد هو الاحلام الكبار التي بشرنا بها في مطلع السبعينات,, ولم يعد هو الفكر السياسي الذي كان الناس فيه يتلاجون في نهاية الستينات ,,ولم يعد هو ارتياد تخوم المستقبل التي كان يسعى لارتيادها نميري الحاكم الطامح في بدايات عهده..
هاجس اهل السودان اليوم هو رغيف العيش....نعم رغيف العيش في السودان الذي اردنا له _ بحق _ ان يكون سلة غذاء العالم..
فسودان نميري اليوم وقد ارهقته الفوادح اضحى بلداً يقضم اهله البؤس,
وتفترس شعبه المجاعات,, وتنفق نوقه الغرثى الصوادي حتى في ما كنا نسميه((كردفان الغرّا)),,وقد اجدب حقلها , وصوح غصنها ,,وامحلت ارضها
حتى صارت كجلد الاجرب..
وماوقع كل هذا البلاء الواصب ,, ولاعانى الناس كل هذا العيش المكدود,,
وماحلت بالسودان كل هذه الفوادح الجسام,,والدواهي العقام الا بسبب اجداب الفكر... وسوء الادارة ..وفساد الحكم ...وطغيان الحاكم...فالفساد والاستبداد وجهان لعملة واحدة ..ان الاستبداد يتجافى المؤسسات... ويرفض الاذعان لسيادة القانون حتى تلك القوانين التي وضعها هو ...
والمستبد,, بالضرورة,,تثقل على سمعة النصيحة,,ويقل اكتراثه للاخطاء فيتجافاه شم النفوس ,,ولايجد من حوله من يعتصم به من اهل النجدة...
وفي نهاية المطاف لايتحلق حول المستبد غير الاحمق,,والفاجر,,والكاذب
وقد قالت العرباياك ومصادقة الاحمق فانه يريد ان ينفعك فيضرك...
واياك ومصادقة الفاجر فانه يبيعك بالتافه,,واياك ومصادقة الكاذب فانه كالسراب يقرّب عليك البعيد ويبعد عنك القريب). وكل هؤلاء قوم ماحلون,,
يكفون ولايكفون((بضم الياء الاولى وفتح الثانية)) ولاسبيل لمرضاة هؤلاء المنقوصين والمنتفعين ,,الا بأكفائهم بزاد يأباه الكريم,,ويعافه الحصيص .
ومن ثم مباركة الحكم بل ومباشرته للفساد بحسبانه وسيلته الوحيدة لكسب هذا النمط من التأييد..وما كان لحكم صالح ان يقوم على اكتاف من هانو ا على أنفسهم..
الكلام ده قاله د.منصور خالد سنة 1985م
هل الانقاذ تسير على خطى مايو؟؟ ام هناك اوجه شبه بين الثورتين؟؟؟
هذا المقال نقلته من كتاب (السودان والنفق المظلم)